استنكر علماء أزهريون منح وزارة الثقافة جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية للكاتب منكر النبوة سيد القمني، الذي يصف الإسلام بأنه دين مزور اخترعه الهاشميون من أجل السيطرة السياسية على قريش ومكة..وعلى الرغم من ذلك فلم يبد العلماء استغرابهم لحصول القمني على الجائزة الأرفع في مصر في ظل قيادة فاروق حسني لوزارة الثقافة، وخضوعها لسيطرة القوى العلمانية..من جانبه اعتبر الشيخ فرحات سعيد المنجي المستشار السابق لشيخ الأزهر، أن هذا الأمر ليس جديدًا على وزارة الثقافة، التي قال: إنها تقوم بمنح جوائزها خصوصًا لكل شاذ عن مجتمعه ومحارب للدين، كاشفًا أن هناك العديد من الكتب التي حظر مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر طبعها أو تداولها في مصر، إلا أن الوزارة تحدت هذا الحظر وقامت بطبعها وتوزيعها من ميزانيتها الخاصة.
وعد بلفور:
وقال المنجي: إنه لم ير عهدًا كهذا العهد الذي تعيشه وزارة الثقافة حاليًا، معتبرًا أن الجائزة التي حصل عليها القمني تشبه وعد بلفور، الذي بموجبه استولى الصهاينة على "إسرائيل"، حيث "أعطى من لا يملك لمن لا يستحق"، فالذي حصل على الجائزة يطالب بإعادة النظر في المادة الثانية من الدستور، لأنها تقول: إن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع..وطالب المستشار السابق لشيخ الأزهر بسحب الجائزة من القمني، نظرًا لاستخفافه بالدين الإسلامي، بعد أن أشار إليه بقوله: إنه "بحالته الراهنة، وبما يحمله من قواعد فقهية بل واعتقادية، هو عامل تخلف عظيم، بل إنه القاطرة التي تحملنا إلى الخروج ليس من التاريخ فقط، بل ربما من الوجود ذاته".
فاروق حسني ومعاداة الإسلام:
وأكد الدكتور محمد عبد المنعم البري المراقب العام لجبهة علماء الأزهر أن حصول القمني على الجائزة أمر طبيعي وعادي في ظل قيادة فاروق حسني لوزرة الثقافة، وأنه لا عتاب عليه في ذلك، فالرجل يعادي أي مظهر من مظاهر الإسلام، وبالتالي فمن المتوقع منه أن يمنح شخصًا يحارب الإسلام ويطعن فيه في كتاباته ويطالب بإلغاء المادة الثانية من الدستور، فهو من العناصر الهدامة التي تشجع على هدم الدين لصالح القوى العلمانية واليسارية.
محاربة الدين في بلد الأزهر:
من ناحيته، عبر الشيخ عبد الله مجاور الأمين العام السابق للجنة الفتوى بالأزهر عن أسفه لأن يتم مكافأة من يحارب الدين في مصر بلد الأزهر الشريف..واعتبر "مجاور" منح "القمني" جائزة وزارة الثقافة رغم تهجمه على الإسلام في آرائه، تجسيدًا للمثل الشهير: "الطيور على أشكالها تقع"، إذ إن كلاً من وزير الثقافة والقمني يتفقان في مناهضة التنامي الإسلامي في المنطقة..ولا يرى مجاور لهذا السبب أي وجه للاستغراب في أن يمنح حسني القمني جائزة ويشجعه على مواصلة الهجوم على الإسلام، بزعم الإبداع وحرية الرأي والتعبير، رغم أن ما يفعله لا يمت بصلة للإبداع الذي يبني ويعمر ولا يخرب ويهدم.
ضرب التيار الإسلامي:
فيما اعتبر الدكتور أحمد عبد الرحمن أستاذ الفلسفة الإسلامية والأخلاق، أن تكريم القمني رغم موقفه من الإسلام لا يخرج عن السياق العام الذي يتبعه النظام لضرب التيار الإسلامي صاحب الشعبية في مصر..وأكد أن ذلك لم يكن ليتم إلا بعد موافقة قصر الرئاسة وقيادات الحزب "الوطني" في ظل اتجاه الحكومة والحزب لمحاربة كل ما هو إسلامي، وأضاف أن الأمر أيضًا ليس بمعزل عن السياسة الخارجية للنظام، التي يتحالف فيها مع الكيان الصهيوني ضد حركة المقاومة الإسلامية "حماس".
جهة تطبيعية مع "إسرائيل" هي التي رشحت القمني:
على صعيد آخر فجّر الكاتب والباحث الإسلامي الدكتور كمال حبيب، مفاجآت حول "إتيليه القاهرة" وهو الجهة التي رشحت سيد القمني لنيل جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، تثير شكوكًا حولها ودوافع ترشيحها للكاتب المثير للجدل ومنكر النبوة، رغم أنها لا تمت بأي صلة للمجال الذي تم ترشيحه لنيل الجائزة فيه.
وأشار حبيب إلى أن الإتيليه يعد تجمعًا للفنانين التشكيليين المصريين، ويُشتهر بكونه ملتقى للمُطبِعين مع "إسرائيل"، وهو ما قد يفسر منح الجائزة للكاتب المعروف بهجومه وآرائه الحادة ضد الإسلام ودفاعه عن السياسات الأمريكية والتراث اليهودي..المفاجأة أن هذه الاتهامات - كما كشف حبيب في مقاله في موقع "المصريون" - مصدرها مقرر لجنة الأدب بالإتيليه أسامة عرابي، الذي اتهم رئيس مجلس الإدارة المعزول وجيه وهبه، والذي رشح القمني للجائزة بأنه "مطبع" مع إسرائيل، وأنه أراد أن "يمنح حصة لأصدقائه العاملين في معسكر التطبيع مع العدو الصهيوني على فعاليات لجنة الأدب".
فيتو على الأسماء الوطنية:
وعلى ما أفاد حبيب، فإن عرابي كشف له أن رئيس الإتيليه المعزول وضع "فيتو" على استضافة أسماء وطنية ضمن فعاليات الإتيليه، أمثال المفكر المستشار طارق البشري والمؤرخ الاقتصادي الدكتور جلال أمين والأديب الشهير صنع الله إبراهيم، وغيرهم ممن اختلفوا مع وزير الثقافة فاروق حسني.
وكانت مديرية التضامن الاجتماعي بالقاهرة بالتنسيق مع الدكتور عبد العظيم وزير محافظ القاهرة، قررت مؤخرًا عزل مجلس إدارة جمعية إتيليه القاهرة، بعد موافقة وزارة التضامن الاجتماعي والاتحاد العام للجمعيات الأهلية برئاسة الدكتور عبد العزيز حجازي، نتيجة اتهامه بارتكاب مخالفات خلال الفترة الماضية، ومنها عدم سداد إيجار المقر منذ عام 2005 لمالكته اليهودية، وهو ما يهدد بإلغاء التعاقد.
وكشف حبيب أن من بين ما يتردد حول أسباب تأخر رئيس مجلس الإدارة المعزول في سداد قيمة إيجار مقر الإتيليه البالغ 80 ألف جنيه على مدار السنوات الماضية، هو أن يوجد ذريعة لفسخ العقد مع مالكة الإتيليه اليهودية ليندا كوهين، في ظل الحملة اليهودية الرامية لمحاولة استعادة الأملاك اليهودية في القاهرة خاصة وأن هناك بعض الممتلكات استعادها اليهود بالفعل.
كما تلاحق الرئيس المعزول اتهامات بارتكاب تجاوزات، بحسب ما أكدت الأديبة سلوى بكر المفوضة لإدارة الإتيليه لحين عقد جمعية عمومية له واختيار مجلس إدارة جديد خلال اجتماع مع الأعضاء، بقولها إن "قرار عزل مجلس الإدارة لم يتخذ بسبب التأخر في دفع الإيجار بل كانت هناك جملة من التجاوزات والمخالفات المالية والإدارية، وأن اللائحة الداخلية للمجلس مملوءة بثغرات تتيح قدرًا كبيرًا من الفساد".
جهود التيار العلماني:
وما يضفي شبهات حول أسباب نيل القمني الجائزة، كما يؤكد حبيب هو أن المصوتين من أعضاء المجلس الأعلى للثقافة للمستحقين للجائزة نصفهم من العاملين بوزارة الثقافة وكثيرون معينون من قبل الوزير أو يرتبطون بعلاقة قوية به، لافتًا إلى اعتراف القمني في منتدى الشرق الأوسط للحريات بأنه لو كان في بلد عربي آخر غير مصر لما حصل علي الجائزة، بيد أن جهود التيار العلماني في الدولة هي التي منحته الجائزة..وقال إنه سيلاحق المادة الثانية من الدستور والتي تنص علي أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع وإنه سيعمل علي إلغاء خانة الديانة من البطاقات الشخصية، ومن ثم فقد اعتبر حبيب أن الجائزة تم منحها له من التيار العلماني في وزارة الثقافة بسبب مشروعه السياسي وليس مشروعه الفكري